قال الله تعالى:{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[آل عمران: ١٣٤]
الوقفة الأولى في:
فضل العفو والصفح
العفو: التجاوز، وترك المؤاخذة على الذنب، وأعلى درجاته «الصفح»، وهو الإعراض عما حصل كليةً، وترك اللوم والتثريب.
والعفو من أفضل الصفات وأعظمها وأجلها وأكملها، وصف الله -عز وجل- به نفسه في آيات كثيرة، وقرنه في عدد منها بالمغفرة؛ ليبين أن عفوه -عز وجل- مقرون بالستر، كما قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا}[النساء: ٤٣]، وقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ}[الحج: ٦٠، والمجادلة: ٢].
كما قرنه -عز وجل- بالقدرة؛ ليبين أن عفوه -عز وجل- مقرون بالقدرة التامة على العقوبة، لا عن عجز، فقال تعالى:{فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا}[النساء: ١٤٩].
وقرنه -عز وجل- بالتوبة؛ ليبين أن عفوه -عز وجل- مقرون بالتوبة على من تاب من عباده، فقال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}[الشورى: ٢٥].
وبيَّن -عز وجل- عفوه سبحانه عن كثير من كسب العباد مما يستحقون عليه العقوبة، فقال تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}[الشورى: ٣٠]، وقال تعالى:{أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ}[الشورى: ٣٤].
وأمر -عز وجل- به رسوله -صلى الله عليه وسلم- فقال تعالى:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[الأعراف: ١٩٩].
وأمر -عز وجل- به المؤمنين، فقال تعالى:{فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}[البقرة: ١٠٩].