للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت نفقة الإمام أحمد -رحمه الله- في الشهر سبعة عشر دِرهمًا، فقال له ابنه: يا أبتِ، زِد في النفقة. فقال -رحمه الله-: «يا بنيَّ، طعام دون طعام، ولباس دون لباس حتى نَلقَى الله» (١).

وقليلٌ يبارك الله فيه من مال وولد ونحو ذلك خيرٌ من كثيرٍ لا يبارك فيه.

زيادة المرء في دُنياه نُقصان

ورِبحُه غيرَ محضِ الخيرِ خُسرانُ (٢)

وأي سعادة في زيادة الدنيا مع نقصان العمر والدين؟!

فاقنع- أخي، وفقك الله- من الدنيا بما تيسر، وتخفَّف من فضول المباحات؛ من المال والطعام والشراب، واللباس والمركب والمسكن، ونحو ذلك، وكن وسطًا في ذلك كله، فخير الأمور الوسط.

خذِ القناعةَ من دنياك وارضَ بها … لو لم يكنْ لك فيها إلا راحةُ البدنِ

وانظرْ إلى مَن حَوَى الدنيا لِيَجمَعَها … هل راحَ مِنها بغيرِ القُطنِ والكَفَنِ؟ (٣)

الوصية التاسعة والستون

غُضَّ بصرك واحفَظ فَرجَك، فهو أزكى لك، وأسلم لدينك وعرضك.

قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٣٠) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: ٣٠، ٣١].


(١) انظر: «الورع» للإمام أحمد رواية المروزي (٢٤٥)، و «الزهد والورع والعبادة» للإمام ابن تيمية ص (٧٤).
(٢) البيت لأبي الفتح البستي، انظر: «ديوانه» ص (٣٥).
(٣) البيتان لعلي بن الحسين الإمام زين العابدين، انظر: «التذكرة» للقرطبي (١/ ٢١)، و «الدر الفريد، وبيت القصيد» للمستعصمي (٤/ ٣٥٩)، و «غرر الخصائص الواضحة، وعرر النقائض الفاضحة» لأبي إسحاق الوطواط ص (٣٧٢)، و «المستطرف، في كل فن مستطرف» لأبي الفتح الأبشيهي ص (٨٢).

<<  <   >  >>