للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأصحابه: «لقد سهَّل لكم من أمركم» (١).

٤ ومن التفاؤل ما حصل من أم إسماعيل هاجر عندما تركها إبراهيم -عليه السلام- في مكة مع ابنها -عليها السلام-، وليس بمكة داعٍ ولا مجيب، ولا شجر ولا ماء، ووضع عندها جِرابًا فيه تمر، وسِقاء فيه ماء، ثم مضى إبراهيم منطلقًا، فتبعته أم إسماعيل، فقالت: إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا جن؟! فقالت ذلك مِرارًا، وجعل لا يلتفت إليها. فقالت: «آلله الذي أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذن لا يُضَيِّعنا (٢).

٥ ومن ذلك قول خديجة -رضي الله عنها-، لما نزل الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورجع إليها خائفًا يقول: «زمِّلوني زملوني، لقد خشِيتُ على نفسي». فقالت -رضي الله عنها-: كلا، والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكَلّ، وتُكسِب المعدوم، وتَقرِي الضيف، وتُعين على نوائب الحق» (٣).

الوقفة السادسة

فوائد التفاؤل، وآثاره

للتفاؤل فوائد جمة، وآثار عظيمة، منها ما يلي:

١ أنه يدفع صاحبه إلى العمل، وإلى المضي قُدُمًا إلى الأمام، وإلى استشراف المستقبل المشرق، والثقة بالله -عز وجل-، بتحويل الشدة إلى الرخاء، والضراء إلى سراء، والعسر إلى يسر، كما قال تعالى: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: ٧]، وقال تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٥، ٦].


(١) أخرجه البخاري في الشروط (٢٧٣١، ٢٧٣٢) من حديث مَرْوان بن الحكم والمِسْوَر بن مَخْرَمة -رضي الله عنهما-.
(٢) أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء (٣٣٦٤) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(٣) أخرجه البخاري في بدء الوحي (٣)، ومسلم في الإيمان (١٦٠)، وأحمد ٦/ ٢٣٢ (٢٥٩٥٩) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.

<<  <   >  >>