للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكيف بلوغُ الشكرِ إلا بفضلِهِ … وإنْ طالتِ الأيامُ واتَّصلَ العمرُ

إذا مسَّ بالسرَّاءِ عمَّ سُرُورها … وإنْ مَسَّ بالضرَّاء أَعقَبَها الأجرُ

ولا منهما إلا له فيه مِنَّةٌ … تَضيقُ بها الأوهامُ والبَرُّ والبحرُ (١)

وقال يزيد بن المهلَّب بن أبي صُفرة:

وكيف بشُكرِ ذي نِعمٍ إذا ما … شكرتُ له فشُكري منه نعمَهْ (٢)

والمؤمن في جميع أحواله بين نعمتين في السراء والضراء، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: «عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سراءُ شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابتْه ضراءُ صَبَر، فكان خيرًا له» (٣).

قال محمود الوراق:

عطيَّتُهُ إذا أعطى سرورٌ … وإن أخذَ الذي أعطى أثابَا

فأيُّ النعمتينِ أحقُّ شكرًا … وأحمدُ عند مُنقَلَبٍ إيابَا

أنعمتُهُ التي أهدتْ سرورًا … أم الأخرى التي أهدتْ ثوابَا؟ (٤)

الوقفة الثالثة عشرة في:

الابتلاء والاستدراج بالنعم

من سنن الله تعالى الكونية ابتلاء العباد بالسراء والضراء، والشدة والرخاء، والنعم والنقم؛ ليتميز من يشكر ومن يكفر، ومن يصبر ومن يجزع؛ كما قال تعالى: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} [الفجر: ١٥، ١٦].


(١) «الشكر لله -عز وجل-» لابن أبي الدنيا ص ٣٩، و «المستطرف» ١/ ٥٣، و «تاريخ دمشق» ٥/ ١٩٠
(٢) «فضيلة الشكر» للخرائطي ص ٤٧.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) «فضيلة الشكر» للخرائطي ص (٣٤).

<<  <   >  >>