للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقفة في: خطر الغُلُوِّ في الدين

قال الله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء: ١٧١]

[أ- معنى: الغلو في الدين]

«الغلو» هو الزيادة في الشيء، والإفراط فيه والتشدد، ومجاوزة الحد المشروع (١).

والغلو في الدين: هو التشدد فيه، وزيادة ما لم يَشرَعْه الله تعالى ولا رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وضده الجفاء والتفريط، والنقص في الدين.

[ب- نشأة الغلو في الدين]

نشأ الغلو في الدين من عهد قوم نوح -عليه السلام- حيث غلوا بصالحيهم حتى عبدوهم، وأشركوهم مع الله -عز وجل-، وانتقل بعد ذلك إلى أهل الكتاب، قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: ٣٠].

وكثر الغلو في النصارى خاصة، قال تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} [النساء: ١٧١].

وقال تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} [المائدة: ٧٧].

وقال تعالى: {ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ} [الحديد: ٢٧].

ثم انتقل بعد ذلك إلى هذه الأمة؛ مصداقًا لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لتتبعنَّ سَنَنَ مَن كان قبلكم» (٢).


(١) انظر: «لسان العرب» مادة «غلا».
(٢) أخرجه البخاري في الاعتصام بالكتاب والسنة (٧٣٢٠)، ومسلم في العلم (٢٦٦٩) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-. وأخرجه ابن ماجه في الفتن (٣٩٩٤) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>