كان العرب قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقبل نزول القرآن الكريم، وبزوغ شمس الإسلام، أمة متنافرة، متناحرة، تسودها العداوات، والبغضاء، والأحقاد، والشحناء، القوي يأكل الضعيف، والغني يستعبِد الفقير، كانوا يتقاتلون على موارد الشاء والإبل، وتقوم بينهم الحروب لأتفه الأسباب، بسبب قتل كلب، أو نحو ذلك، وتدوم سنين طويلة، كما في حرب داحس والغبراء، والحروب بين الأوس والخزرج، وغير ذلك.
حرَّم الإسلام العصبية القبلية، وحذَّر منها، وذمَّها في القرآن الكريم، وفي السنة النبوية المطهرة؛ قال تعالى:{إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ}[الفتح: ٢٦]، وقال تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات: ١٣].
وقال -صلى الله عليه وسلم-: «اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنِّياحة على الميت»(١).
(١) أخرجه مسلم في الإيمان (٦٧)، والترمذي في الجنائز (١٠٠١)، وأحمد ٢/ ٤٩٦ (١٠٤٣٤) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. ومعنى «الطعن في الأنساب»: نفيها، أو إلحاق العيب والنقص فيها.