للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معصيته … » (١).

قال ابن القيم -رحمه الله- في «طريق الهجرتين» (٢): «فإن أصل الشكر الاعتراف بإنعام المنعم على وجه الخضوع له، والذل والمحبة، فمن لم يعرف النعمة، بل كان جاهلًا بها، لم يشكرها، ومن عرفها ولم يعرف المنعم بها، لم يشكرها أيضًا، ومن عرف النعمة والمنعم، لكن جحدها، كما يجحد المنكر لنعمة المنعم عليه بها، فقد كفرها، ومن عرف النعمة والمنعم بها وأقرَّ بها ولم يجحدها، ولكن لم يخضع له ويحبه ويرض به وعنه، لم يشكره أيضًا، ومن عرفها وعرف المنعم بها وأقر بها، وخضع للمنعم بها وأحبه ورضي به وعنه، واستعملها في مَحابِّه وطاعته، فهذا هو الشاكر لها، فلا بد في الشكر من علم القلب، وعمل يتبع العلم، وهو الميل إلى المنعم، ومحبته والخضوع له».

فانتبه أخي المبارك وأختي المباركة لهذا، وليسخرْ كلٌّ فِكرَه وعقله ولسانه، وجميع جوارحه في ذكر الله تعالى وشكره {وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: ١٤٤].

الوقفة الثانية:

النعم كلها من الله تعالى، ولا يمكن إحصاؤها

قال الله تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: ٥٣]؛ أي: وما بكم من جميع النعم فمن الله تعالى؛ من نعمة العلم والإيمان والإسلام، ونعمة الخلق، والرزق، والأمن، والصحة، والفراغ، ونعمة الأزواج والأولاد، وغير ذلك من سائر النعم التي لا تُعد ولا تُحصى، كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان: ٢٠].

وقال تعالى: {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: ٣٤]، وقال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: ١٨].


(١) «مختصر منهاج القاصدين» صـ ٢٧٧.
(٢) صـ ٩٥.

<<  <   >  >>