للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وقفة في: الأخذ بالعزم والحزم في الأمور كلها]

قال الله تعالى: {إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان: ١٧]

العزم معناه: الجد وقوة الإرادة والعزيمة؛ قال تعالى: {فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [محمد: ٢١]؛ أي: إذا جد الأمر ولزم وحضر القتال.

وقال تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: ١٥٩]؛ أي: فإذا صممت على أمر من الأمور، مما ظهر لك أنه عين الصواب، فاعتمد على الله، وامضِ فيه.

وقال تعالى ليحيى بن زكريا -عليه السلام-: {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم: ١٢].

وكتب -عز وجل- لموسى -عليه السلام- التوراة بالألواح، وقال له: {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ} [الأعراف: ١٤٥].

وقال تعالى لبني إسرائيل: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: ٦٣، والأعراف: ١٧١].

والحزم معناه: ضبط الأمر، والحذر من فواته. وفي الحديث في الوتر: «قيل لأبي بكر -رضي الله عنه-: أخذتَ بالحزم، وقيل لعمر -رضي الله عنه-: أخذتَ بالقوة»؛ لأن أبا بكر -رضي الله عنه- يوتر أول الليل؛ خوفًا ألا يقوم آخر الليل، وعمر -رضي الله عنه- يوتر آخر الليل؛ ثقة أنه سيقوم آخر الليل (١).

والعزم لا ينفع إلا بالحزم، قال عبد الملك بن مَرْوان لعمر بن عبد العزيز: ما العزيمة على الرشد؟ قال: «إصداره إذا ورد بالحزم» (٢).


(١) أخرجه أبو داود في الوتر (١٤٣٤) من حديث أبي قتادة -رضي الله عنه-. وصححه الألباني في «صحيح أبي داود» (١٢٨٨). وأخرجه ابن ماجه في إقامة الصلاة، والسنة فيها (١٢٠٢)، وأحمد ٣/ ٣٠٩، ٣٣٠ (١٤٣٢٣، ١٤٥٣٥) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-. وصححه الألباني في «الصحيحة» (٢٥٩٦).
(٢) «محاضرات الأدباء» ١/ ٣٤.

<<  <   >  >>