للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوصية السابعة والخمسون

اعلَمْ أن الإنصاف من النفس من أشق الأمور على النفس، وهو مُركب صعب لا يستطيعه ولا يلقاه إلا ذو حظ عظيم، اختاره الله تعالى واصطفاه ووفقه.

فكم من إنسان يستطيع قيام الليل، وصيام النهار، وإنفاق الأموال في أعمال البر، والقيام بكثير من الطاعات، لكنه يقف عاجزًا عن الإنصاف من نفسه، وإن ادَّعى ذلك.

عن المعرور بن سُويد -رضي الله عنه- قال: لقِيت أبا ذرٍّ في الرَّبَذة، وعليه حُلة وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك، فقال: إني ساببتُ رجلًا فعيرتُه بأمه، فقال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يا أبا ذرٍّ، أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم خَوَلُكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فلْيُطعمه مما يَطعَم، ولْيُلبسه مما يَلبَس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم» (١).

فأنصِفْ من نفسك وقلِ الحق ولو كان مرًّا، عساك تنجو، وما إخالك ناجيًا إلا برحمة الله تعالى وفضله.

الوصية الثامنة والخمسون

تأمل في عظيم فضل الله -عز وجل- وكرمه وجوده على من تاب إليه وآمن وعمل صالحًا، قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ٦٨ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ? مُهَانًا ٦٩ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: ٦٨ - ٧٠].


(١) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>