للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدنيا». فأنكر عليه سلمان، وقال له: «إن لربِّك عليك حقَّا، ولزوجك عليك حقَّا، ولزَوْرِك عليك حقَّا، فأعطِ كل ذي حق حقَّه» (١).

[هـ- الخطر العظيم الذي يترتب على الغلو في الدين]

يترتب على الغلو في الدين بقسميه العقدي والعملي: الخروج عن الدين، والكفر، فهو أشد من الجفاء والتفريط والنقص؛ لأن الغلو في الدين، والزيادة فيه أشد من النقص منه؛ لأن الزيادة في الدين تشريع من دون الله، ومفادها أن الدين لم يكمل.

فمن غلا في الأنبياء والصالحين وغيرهم من دون الله، أو صرف لهم شيئًا من أنواع العبادة التي لا يجوز صرفها إلا لله، فهو مشرك كافر، خارج عن الدين.

ومن غلا في الدين بأن أوجب ما لم يوجبه الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، أو حرم ما لم يحرمه الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، أو استحل ما حرمه الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، ومن ذلك الخروج على المسلمين وأئمتهم فهو كافر خارج عن الدين.

كما جاء في قصة ذي الخُويصرة التميمي حين اعترض على النبي -صلى الله عليه وسلم- في قسمة غنائم حنين، وقال: «اتق اللهَ يا محمد» فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن من ضِئْضِئ هذا قومًا يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجِرَهم، يقتلون أهل الإسلام، ويدَعون أهل الأوثان، يمرُقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لئن أدركتُهم لأقتلنهم قتل عاد» (٢).

وبسبب الغلو في الدين انتشر الشرك في كثيرٍ من بلاد المسلمين، وتعددت طوائف الغلاة، ومن أشد الغلاة كفرًا وشركًا وشرًّا:

الرافضة- أخزاهم الله تعالى- الذين غلوا بعلي -رضي الله عنه- وآل البيت، فعبدوهم من دون الله، وأشركوهم مع الله -عز وجل- في الربوبية والألوهية، وكفَّروا من عداهم من المسلمين، وجمعوا بين كل أنواع الكفر والشرك، فأشركوا آل البيت وأئمتهم ومعمَّميهم


(١) أخرجه البخاري في الصوم (١٩٦٨)، والترمذي في الزهد (٢٤١٣) من حديث أبي جحيفة -رضي الله عنه-.
(٢) أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء (٣٣٤٤)، ومسلم في (١٠٦٤)، والنسائي في الزكاة (٢٥٧٨)، وأحمد ٣/ ٦٨ (١١٦٤٨) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>