للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضرر على العبد المسلم، فكم دبر الشيطان من مكيدة للمؤمنين على أيدي أعوانه من شياطين الإنس بسفك دم، أو انتهاك عرض، أو شتم وسب، أو مقالة سوء، أو نجوى، يريد بها الشيطان إلحاق الضرر والأذى والحزن بالمؤمنين ونحو ذلك، كما قال -عز وجل-: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [المجادلة: ١٠].

وخلاصة القول: أن وسوسة الشيطان على أنواع لا تكاد تحصى كثرة، وهي سبب لكل بلية ولكل معصية تقع في الأرض؛ من ترك للواجبات أو انتهاك للمحرمات وهي على مراتب (١):

[ب- مراتب وسوسة الشيطان للإنسان]

يأتي الشيطان أولًا إلى الإنسان فيدعوه إلى الكفر والشرك ومعاداة الله ورسوله؛ ليكون من جنده ومن أعوانه على الشر.

فإن أيس منه، وكان ممن سبق له الإسلام في بطن أمه دعاه إلى المرتبة الثانية من الشر، والتي هي باب من الكفر والشرك، وهي البدعة، وحببها إليه لعظم ضررها في الدين، وكون ضررها متعديًا، وشدة تمسك صاحبها بها لا يكاد يتوب عنها، كما دلت على ذلك الآثار، وكما هو حال أهل البدع.

فإن عجز عن إيقاعه في هذه المرتبة، وكان ممن وفق إلى السنة ومعاداة أهل البدع والضلال، دعاه إلى المرتبة الثالثة من الشر؛ وهي: الوقوع في الكبائر على اختلاف أنواعها.

فإن عجز عنه دعاه إلى المرتبة الرابعة؛ وهي: الوقوع في الصغائر والاستهانة بها، وهي إذا اجتمعت أهلكت صاحبها، وفي الحديث: «إياكم ومحقرات الذنوب؛ فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه» (٢).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «يا عائشة، إياك ومحقرات الذنوب؛ فإن لها من الله طالبًا» (٣).


(١) انظر: «التفسير القيم» ص ٦١٤.
(٢) أخرجه أحمد ١/ ٤٠٢، من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-.
(٣) أخرجه ابن ماجه في الزهد ٤٢٤٣، من حديث عائشة -رضي الله عنها-. وقال في الزوائد: «إسناده صحيح، ورجاله ثقات».

<<  <   >  >>