للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها: ما جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «يأتي الشيطان أحدكم، فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته» (١).

وفي رواية: أن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالوا: يا رسول الله، إن أحدنا ليجد في نفسه ما أن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به. قال: «الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة» (٢).

ومنها: أن يشغل القلب بحديثه ووساوسه فيوقعه في نسيان ما أراد فعله أو قوله من أمر ديني أو دنيوي، كما قال تعالى حكاية عن صاحب موسى -عليه السلام- أنه قال: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} [الكهف: ٦٣]، وتقدم في الحديث: «أنه يخطر بين المصلى وبين قلبه، فيقول: اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر، حتى لا يدري أثلاثًا صلى أم أربعًا» (٣).

ومنها: أنه يوهم الإنسان ويخوفه من الأمور المستقبلة، ويحمله على التشاؤم دائمًا، ويجعل الحياة مظلمة في عينيه فتنتابه المخاوف على المستقبل، والمخاوف من الأعداء، ومن العين، ومن المرض، ومن الموت، ونحو ذلك، وكل ذلك من الشيطان أخزاه الله.

وعلاج ذلك قوة الإيمان بالله والتوكل عليه واطراح هذه الوساوس، قال تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٧٥]، وقال تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: ٥١].

ومنها: أن يوحي إلى أعوانه من شياطين الإنس بأن يقول أحدهم أو يفعل ما فيه


(١) أخرجه البخاري في بدء الخلق (٣٢٧٦)، ومسلم في الإيمان (١٣٤)، وأبو داود في السنة (٤٧٢١)، وأحمد ٢/ ٣٣١ (٨٣٧٦).
(٢) أخرجه أبو داود في الأدب (٥١١٢)، وأحمد ١/ ٢٣٥ (٢٠٩٧) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-. وصححه الألباني في تحقيقه «الإيمان» لابن أبي شيبة ص (١٠٣).
(٣) أخرجه البخاري في الأذان ٦٠٨، ومسلم في الصلاة ٣٨٩، وأبوداود في الصلاة ٥١٦، والنسائي في الأذان ٦٧٠، والترمذي في الصلاة ٣٩٧، وابن ماجه في إقامة الصلاة ١٢١٦.

<<  <   >  >>