للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوقفة الثانية في:

عِظم مسؤولية الأمة عن إصلاح ذات البين

من أعظم المسؤوليات وأوجبها على الأمة الإسلامية، على مستوى الدول والشعوب، جماعاتٍ وأفرادًا: السعي لإصلاح ذات البَين بين المسلمين، والقضاء على أسباب النزاعات والخلافات والخصومات، وأسباب الشحناء والبغضاء والعداوات بين المسلمين؛ امتثالًا لقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: ١]، وقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: ٩]، وقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: ١٠].

فهذا يُوجِب على جميع الدول الإسلامية التعاون فيما بينهم في الإصلاح والسعي بكل ما تملك من مقومات سياسية، واقتصادية، وغير ذلك؛ لإصلاح ما يحصل بين بعض الدول الإسلامية من نزاعات وحروب حسب استطاعتها.

فلا يجوز للدول الإسلامية أن تقف حيال ما يجري بين بعض الدول الإسلامية من نزاعات وحروب موقف المشاهد فقط، كما هو حال كثير من الدول اليوم، بل ربما سعى البعض إلى تأجيج الصراع والنزاع، بدلًا من السعي بالإصلاح، وقد قال الله -عز وجل-: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: ٢]، وقال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: ١٠٣]، وقال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: ١٠٥].

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «انصرْ أخاك ظالمًا أو مظلومًا». قال: أنصره إذا كان مظلومًا، فكيف نصره إذا كان ظالمًا؟ قال: «تمنَعه من الظلم» (١).


(١) أخرجه البخاري في المظالم (٢٤٤٣، ٢٤٤٤)، وفي الإكراه (٦٩٥٢)، والترمذي في الفتن (٢٢٥٥)، وأحمد ٣/ ٩٩ (١١٩٤٩) من حديث أنس -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>