للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوقفة الرابعة في:

مجالات إصلاح ذات البين

مجالات إصلاح ذات البين كثيرة لا تُحصى، وتزداد كثرةً، والله المستعان، كلما بَعُدَ المسلمون عن دينهم، وطغت الأنانية، وحب المال والأثرة، وقلَّ المصلحون، وكثر الانتهازيون والمتشمتون، وعندما أصبح النصح والسعي في الإصلاح عند البعض تدخلًا في الشؤون الخاصة للآخرين، وفيما لا يعني، وكثر التنازع والشحناء، وأُحضرت الأنفس الشح، وفشا التهاجر والتقاطع، مصداق قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم» (١).

ومجالات إصلاح ذات البين على قسمين:

القسم الأول: الإصلاح بين الدول الإسلامية فيما يقع بين بعضها من حروب، ومشكلات سياسية أو اقتصادية، أو غير ذلك.

وهذا مَنوط بالحكومات الإسلامية فيما بينها، فيجب عليها جميعًا التعاون؛ لنصرة المظلوم من المسلمين، والسعي في الإصلاح بين المتحاربين والمتنازعين منهم؛ امتثالًا لقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} الآية [الحجرات: ٩].

القسم الثاني: الإصلاح لما يقع بين المسلمين داخل المجتمع أفرادًا أو جماعاتٍ.

وهذا مَنوط بالمسلمين فيما بينهم، ومجالاته أكثر من أن تُحصى، ومن أهمها ما يلي:

١ الإصلاح لما يقع من تنازع بين ولاة الأمر وأصحاب المسؤوليات في الأمة، وبين عامة الناس، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء: ٥٩].


(١) أخرجه مسلم في صفة القيامة (٢٨١٢)، والترمذي في البر والصلة (١٩٣٧)، وأحمد ٣/ ٣١٣ (١٤٣٦٦) من حديث جابر -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>