للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ج- أهمية إنزال الناس منازلهم]

في الآيات السابقة الدالة على التفاضل والاختلاف بين البشر، ونفي التساوي بينهم إشارة إلى أنه ينبغي إنزال الناس منازلهم، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: «أنزلوا الناس مَنازلهم» (١).

قال المُناوي في «فيض القدير» (٢): «أي: احفظوا حرمة كل واحد على قدره، وعاملوه بما يلائم حاله في عمر، ودين، وعلم، وشرف، فلا تسووا بين الخادم والمخدوم، والرئيس والمرؤوس؛ فإنه يورث عداوةً، وحقدًا في النفوس».

وقال ابن باز -رحمه الله- (٣): «المؤمن ينزِل الناس منازلهم، لا يجعلهم على حدٍّ سواء، في إكرامهم وتقديرهم، بل على حسَب مراتبهم في الدين، ومراتبهم في كِبَر السن، ومراتبهم في وظائفهم الشرعية، فالقاضي له حقه، والعالم له حقه، والسلطان له حقه، والأمير له حقه، والشيخ كبير السن له حقه، والوالد له حقه، والأخ الكبير له حقه، والجار له حقه، وهكذا فكل إنسان يعطَى حقه المناسب له بحسَب ما جاءت به الشريعة».

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا أتاكم كريم قومٍ فأكرِموه» (٤).

وعن عُبادةَ بن الصامت -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ليس من أمتي من لم يُجِلَّ كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه» (٥).


(١) أخرجه أبو داود (٤٨٤٢) من حديث ميمون بن أبي شبيب عن عائشة -رضي الله عنها-. قال أبو داود: «ميمون لم يدرك عائشة». ورواه مسلم في المقدمة معلقًا (١/ ٥)، وانظر: «شرح النووي على مسلم» (١/ ١٩)، وصححه ابن الصلاح، ونقل تصحيح الحاكم له في كتابه «معرفة الحديث». انظر: «صيانة صحيح مسلم» لابن الصلاح ص (٨٤)، وقد عده السعدي رحمه الله من جوامع الأخبار، وشرحه مع أحاديث أخرى في كتابه: «بهجة قلوب الأبرار» ص (٣٥ - ٣٦).
(٢) (٣/ ٥٧).
(٣) في شرح رياض الصالحين ص ١٢٩، حديث: «إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم».
(٤) أخرجه ابن ماجه في الأدب (٣٧١٢)، والبيهقي (٨/ ١٦٨). وصححه الألباني في «الصحيحة» (١٢٠٥).
(٥) أخرجه أحمد ٥/ ٣٢٣ (٢٢٧٥٥)، والطبراني في «مكارم الأخلاق» (١٤٧)، والحاكم (١/ ١٢٢). قال الحاكم: «ومالك بن خير الزيادي مصري ثقة، وأبو قبيل تابعي كبير». وقال الهيثمي في: «مجمع الزوائد» (١/ ٣٣٨): «إسناده حسن». وحسن الألباني إسناده في «الصحيحة» (٥/ ٢٣١)، و «صحيح الجامع» (٥٤٤٣).

<<  <   >  >>