للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قريب أو بعيد، وأن يعفو عنهم، كما يسأل ربه أن يجازيَ مِن فضلِه -عز وجل- مَن لهم عليه حقوقٌ، وأن يعفو عنه ويتجاوز، ففضله -عز وجل- واسع، وعفوه عظيم.

وشتان شتان بين من يَرِد غدًا على أكرم الأكرمين، وأجود الأجودين، ذي الفضل العظيم، فيوفيه أجره بغير حساب، وبين من يرد على الناس الضعفاء الفقراء المساكين من أقاربه وجيرانه وإخوانه المسلمين؛ ليقتص منهم، وربما اقتص من أقرب الأقربين إليه؛ من أمه وأبيه، وزوجه وولده وغيرهم، بسبب حرجه وشح نفسه.

فارفع رأسك أخي الكريم وأختي الكريمة، بطلب معالي الأمور، واجعل العفو والصفح والتسامح ديدنك؛ ابتغاء ما عند الله تعالى، تُوفَّق في دينك وتسعد في دنياك، وتجني بذلك عند لقاء الله عظيم الأجور.

على قدْرِ أهلِ العزمِ تأتي العزائمُ … وتأتي على قدْرِ الكرامِ المكارمُ

وتكبُر في عينِ الصغيرِ صِغارُها … وتصغُر في عين العظيم العظائمُ (١)

الوقفة الثانية في:

فضل الحلم، وكظم الغيظ

الحِلم (٢)؛ بكسر الحاء: ترك المعاجلة في العقوبة، والرفق والتثبت والأناة.

والغيظ: الغضب الشديد، وكظمه: حبسه، وهو من أعظم آثار الحلم.

والحلم من أفضل الصفات وأعظمها وأجلها وأكملها، وقد سمى الله -عز وجل- نفسه بـ (الحليم) ووصف نفسه بالحلم في آيات كثيرة من كتابه الكريم.

قال تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: ٢٢٥]، وقال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: ٢٣٥]، وقال تعالى: {وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ}


(١) البيتان للمتنبي، انظر: «ديوانه» (٢/ ٢٧٢).
(٢) انظر: «لسان العرب» مادة «حلم».

<<  <   >  >>