للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيستمد قوته من القوي المتين سبحانه، ويستمد بركة العمر من الحي القيوم الذي لا يموت.

سادسًا: أن يكون فراق هذه الدنيا والرحيل منها دائمًا منه على بال، وأن يكثر من ذكر هاذم اللذات «الموت»؛ كما قال -صلى الله عليه وسلم-: «أكثروا من ذكر هاذم اللذات» (١).

فمن وفقه الله -عز وجل- للتفكر في هذه الأشياء كان ذلك- بإذن الله -عز وجل- من أكبر العون له على تقوى الله.

فمن عظم الله -عز وجل- وقدره دعاه ذلك إلى الفرار إليه واللجوء إليه ومحبته وخوفه ورجائه، ومن تفكر في نعمه -عز وجل- على العباد دعاه ذلك إلى شكره، ومن تفكر في حقارة الدنيا دعاه ذلك إلى عدم الاغترار بها، ومن تفكر في عظمة الآخرة دعاه ذلك إلى الإقبال عليها والتزود لها، ومن تفكر في ضعفه دعاه ذلك إلى استمداد القوة من القوي المتين، ومن تفكر في قصر عمره دعاه ذلك إلى الحرص على استغلاله بالخير والعمل الصالح، ومن تذكر الموت والرحيل من هذه الدار دعاه ذلك إلى المبادرة بالعمل الصالح أيام الحياة، والاستعداد للدار الآخرة.

[الأمر الثاني: مما يستعد به للقاء الله والدار الآخرة]

أداء ما عليه من حقوق لله تعالى، أو للخلق، والخروج منها كلها وبخاصة حقوق الخلق؛ من الدماء والأعراض والأموال وغير ذلك، فإن حقوق الخلق مبنية على المشاحة، فأمك وأبوك وولدك كل منهم سيطالبك بحقه إن كان له حق عندك: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: ٣٤ - ٣٧].

بل إن العاقل اللبيب ليحرص كل الحرص على عدم تحمل أي حق للخلق من


(١) أخرجه النسائي في الجنائز (١٨٢٤)، والترمذي في الزهد (٢٣٠٧)، وابن ماجه في الزهد (٤٢٥٨) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وقال الترمذي: «حديث حسن غريب». وأخرجه الترمذي أيضًا في صفة القيامة والرقائق والورع (٢٤٦٠) من حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-. وقال: «حديث حسن غريب». وصححه الألباني في «الإرواء» (٦٨٢).

<<  <   >  >>