للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأغمضه ثم قال: «إن الروح إذا قُبض تبِعه البصرُ». فضج ناس من أهله، فقال: «لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير؛ فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون» (١).

[د- التحذير من ترك الأدعية الواردة في الكتاب والسنة، والأدعية المأثورة، والاعتداء بالدعاء]

مما يجب التنبيه عليه، وهو من الأهمية بمكان، أنه ينبغي للمسلم أن يحرص كل الحرص على الأدعية الواردة في القرآن الكريم، وفي سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- الذي أُعطي جوامع الكلم والأدعية المأثورة، فإن هذه الأدعية جامعة مانعة، ومن دعا بها فهو حريٌّ بالإجابة بإذن الله -عز وجل- مع انتفاء الموانع.

وينبغي عدم الاغترار بما أحدثه الناس من تخصيص بعض الأدعية المسجوعة المتكلفة التي لا يخلو الكثير منها من الاعتداء بالدعاء الذي نهى الله عنه ورسوله، كما يفعل الكثير من أئمة المساجد في القنوت، وعند ختم القرآن، إضافة إلى المبالغة في رفع أصواتهم في الدعاء- مما يؤدي إلى مبالغة المأمومين برفع أصواتهم في التأمين- وكذا الإطالة في ذلك مما لا نسبة بينه وبين الصلاة، وكل هذا مما يخالف السنة، قال الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: ١١٠]، وقال تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف: ٢٠٥]، وقال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: ٥٥] أي: المعتدين في الدعاء.

ولما رفع الصحابة أصواتهم بالدعاء قال -صلى الله عليه وسلم-: «أيها الناس، ارْبَعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، إن الذي تَدْعُونه سميع قريب، أقرب إلى أحدكم من عُنُق راحلته» وفي رواية: «إنه معكم، إنه سميع قريب، تبارك اسمه وتعالى جدُّه» (٢).

ولهذا ينبغي لأئمة المساجد- وفَّقهم الله وهداهم- أن يتقوا الله في أنفسهم وفيمن


(١) أخرجه مسلم في الجنائز (٩٢٠)، وابن ماجه في الجنائز (١٤٥٤)، وأحمد ٦/ ٢٩٧ (٢٦٥٤٣).
(٢) أخرجه البخاري في الجهاد والسير (٢٩٩٢)، ومسلم في الذكر والدعاء (٢٧٠٤)، وأبو داود في الصلاة (١٥٢٦)، والترمذي في الدعوات (٣٣٧٤) من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>