للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقفتان في: مجمل القول في النَّسْخ

قال الله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: ١٠٦]

الوقفة الأولى في:

بيان مجمل القول في معنى النسخ في اصطلاح المتقدِّمين والمتأخِّرين

معنى النسخ في اللغة: الرفع والإزالة؛ يقال: نَسَخَتِ الشمسُ الظلَّ؛ أي: أزالتْه.

أ) معنى النسخ في اصطلاح المتقدمين:

توسع السلف -رضي الله عنهم- من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم في مدلول النسخ، فكما يطلقونه على معناه المعروف عند الأصوليين وعند المتأخرين، فقد كانوا يطلقونه أيضًا على: تخصيص العام، وتقييد المطلَق، وتفصيل المجمَل، وإيضاح المبهَم، وعلى الاستثناء والشرط والصفة.

ويطلقونه على رفع البراءة الأصلية، وعلى رفع ما كان عليه أهل الكتاب، وعلى ما جاء في نسخة الآية؛ أي: في موضوعها، ونحو ذلك.

كما يطلقونه على آيات يمكن العمل بكلٍّ منها في وقته المناسب، كآيات العفو والصفح والإعراض عن المشركين وأهل الكتاب ومجادلتهم بالتي هي أحسن، ونحو ذلك. مع آيات القتال عامة، وهي لا تعارض بينها، فكلٌّ منها موقتة بمناسبتها، فتطبق الأمةُ ما قَدَرَت عليه منها حسب مراحل قوتها وضعفها، فتطبق الأمر بالقتال حال قوتها، وتطبق الأمر بالعفو حال ضعفها، وهكذا (١).

ب) معنى النسخ في اصطلاح الأصوليين والمتأخرين:

عرَّف الأصوليون وغيرهم من المتأخرين النسخَ في الاصطلاح بتعاريفَ كثيرةٍ، وقفتُ على قريبٍ من عشرين منها.


(١) انظر «مجموع الفتاوى» لابن تيمية ١٤/ ١٠١، و «إعلام الموقعين» ١/ ٣٥، و «البرهان، في علوم القرآن» ٢/ ٤٢ - ٤٣، و «الموافقات» للشاطبي ٣/ ١٠٧ - ١١٧، و «مناهل العرفان» للزرقاني ٢/ ١٥٠.

<<  <   >  >>