للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وقفة في: حل عقدة المؤامرة]

قال الله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: ١٦٥]

في هذه الآية حل لعقدة المؤامرة التي يبرر بها كثير من المسلمين في العالم الإسلامي كله سببَ ضعفهم وتخاذلهم وتخلفهم عن ركب الحضارة، ويلقون فيها التبِعة في ذلك على غيرهم من أعداء الإسلام.

وفيه بيان أن ما أصاب المسلمين وما يصيبهم إنما هو بسبب أنفسهم؛ لقوله تعالى: {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}، كما قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: ٣٠]، وقال تعالى: {أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} [القصص: ٤٧].

فأعداء الإسلام منذ بزغت شمس الإسلام لا يألون جهدًا في الكيد له، ومحاولة النيل منه، ومن أهله، ولا يُتوقع منهم غير هذا، وأسوأ منه؛ إذ لا يُجنى من الشوك العنبُ.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه:

أين المسلمون الذين يتجاوز عددهم مليارًا ونصفًا؟

إن مصيبة الأمة على ضوء الآية الكريمة تتمثل في تخلي كثير من المسلمين عن مواقعهم، وعن مسؤولياتهم التي سيُسألون عنها أمام الله -عز وجل-؛ في ولاياتهم الكبيرة والصغيرة، وفي بيوتهم ومساجدهم وأعمالهم وأسواقهم وغير ذلك، وعدم قيامهم بها كما ينبغي، وبهذا صار كثير من المسلمين على اختلاف مواقعهم هم السببَ الأولَ في ضعف الأمة، وتخلفها بين الأمم!

إن الأعداء مهما تكالبوا على الأمة، وأجلبوا عليها بخيلهم ورجلهم، لا يستطيعون

<<  <   >  >>