للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النيل منها حين تصدُق مع الله -عز وجل-، وتعتصم بحبله، ويؤدي كل فرد فيها مسؤوليته؛ حاكمًا كان أو مسؤولًا، أو والدًا، أو قاضيًا، أو معلمًا، أو إمامًا، أو مؤذنًا، أو موظفًا، أو تاجرًا، أو غير ذلك.

قال تعالى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} [آل عمران: ١١١]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: ١٠٥].

فإذا صلحت الأمة وصدَقت مع الله -عز وجل- ما ضرها نباح الكلاب، فالكلاب تنبح والقافلة تسير بتوفيق الله -عز وجل- وعونه.

لكن إذا ضعُف سير القافلة أو توقفت، نهشتها الكلاب ونالت منها.

وهذا يحتِّم ويُوجِب على كل فرد من أفراد الأمة أيًّا كان موقعه أن يستشعر عِظم مسؤوليته أمام الله -عز وجل-، وأن يقوم بها خير قيام، وأن يعلم؛ كما قال الأوزاعي -رحمه الله-: «لِيَعْلَمْ كلٌّ منكم أنه على ثغرٍ من ثغور الإسلام، فاللهَ، اللهَ، أن يُؤتَى الإسلامُ من قِبَلِه» (١)!

علينا أن نصدُق مع الله -عز وجل-، ونوجه جهودنا وعملنا لإصلاح المجتمع، وإصلاح بيوتنا ومساجدنا وأسواقنا وأعمالنا ومؤسساتنا، وغير ذلك.

فهذا هو الذي به نجاتنا، وصلاح مجتمعاتنا، والذي سيحاسبنا الله تعالى عليه يوم القيامة.

علينا ألا ننشغل بتضخيم المؤامرة والترويج لكيد الأعداء، فنفت في عضُد الأمة بإظهار باطلهم، فكيدهم ضعيف لو صدَقنا مع الله -عز وجل-؛ كما قال تعالى: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: ٧٦].

وقد قصدتُ في هذه الوقفة القصيرة التنبيه على أمرين، كل منهما في غاية الأهمية، وكل منهما أهم من الآخر:

الأمر الأول: أن كل فرد من أفراد الأمة عليه مسؤولية، أيًّا كان موقعه، فيجب عليه


(١) أخرجه محمد بن نصر المروزي في السنَّة (٢٩).

<<  <   >  >>