للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [غافر: ١٤].

وقال تعالى مخاطبًا نبيه -صلى الله عليه وسلم-: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} [الجن: ٢٠]، أي: قل إنما أعبد ربي وحده، ولا أشرك به أحدًا.

النوع الثاني: دعاء مسألة وطلب؛ أي: سؤال العبد وطلبه من ربه حاجته من خير الدنيا والآخرة، من جلب نفع، أو دفع ضُرٍّ، كما في قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٥٥) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: ٥٥، ٥٦]، وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: ١٨٠]؛ أي: نادوه، واسألوه بها، وتعبدوا له بها.

ودعاء العبادة ودعاء المسألة متلازمان، فدعاء العبادة: مستلزِم لدعاء المسألة، ودعاء المسألة: متضمِّن لدعاء العبادة؛ لأن السائل إنما سأل الله -عز وجل- وحدَه تعظيمًا له -عز وجل-، وإقرارًا واعترافًا بأن له الخلق والأمر والتفرد بالربوبية والألوهية.

[ج- فضل الدعاء وثماره، وفوائده وآثاره]

للدعاء فضائل عظيمة، وثمار كثيرة، وفوائد جليلة، وآثار كبيرة، اجتمعت فيه أنواع الصبر كلها؛ الصبر على طاعة الله تعالى بالدعاء، وعظيم الرجاء، والصبر عن معصية الله تعالى بعدم التسخط والقنوط واليأس من رحمة الله تعالى، وترك الدعاء، والصبر على أقدار الله المؤلمة إن طال البلاء، وتأخرت إجابة الدعاء.

ومن أهم فضائل الدعاء وثماره وفوائده وآثاره ما يلي:

١ أن الدعاء طاعة وعبادة لله -عز وجل-، أمر به وحث عليه، وبه يخلص العبد من الكبر، وينجو من الوعيد الشديد، قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: ٦٠]، وقال تعالى: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [غافر: ١٤]؛ أي: فاعبدوا الله مخلصين له العبادة.

وعن النعمان بن بَشير -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «الدعاء هو العبادة»، ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ

<<  <   >  >>