للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكأنَّ مَن يفعل هذا يعتقد أن المال ماله يفعل به ما يشاء، بلا رقيبٍ ولا حَسيب، وما علم أن المال مال الله تعالى، وهو عاريَّة عنده، استخلفه الله تعالى فيه لينظر كيف يتصرف به، وأين ينفقه، كما قال تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [الحديد: ٧]

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «لا تزول قدمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عن … » وذكر منها: «وعن مالِه من أين اكتسبه، وفيم أنفقه» (١).

فلا يجوز التخبُّط في مال الله بما لا يرضي الله تعالى، وعلى المسلم أن يشكر الله تعالى على ما أولاه من نعمة الصحة والمال، ويراقب الله في تصرفاته، ويضبطها بضابط الشرع، ولا يصرف المال في غير محله، والناس في أمسِّ الحاجة إليه.

وعليه أن يخشى من عقوبة عاجلة تصيبه في نفسه أو أهله أو ولده أو ماله، لا يستطيع لها دفعًا، ولا منعًا، ولا رفعًا.

قال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: ٧].

وليعلم المفاخر والمباهي بالنعم أن الأيام دُوَل، وأن النعم لا تدوم، وأن السلامة لا تدوم، فما أهون الخلقَ على الله إذا هم عصَوه وكفروا نعمه.

قال الشاعر (٢):

وهي الليالي وقاك اللهُ صَولَتَها … تَصُول حتى على الآسادِ في الأَجَمِ

كنَّا ملوكًا لنا في أرضنا دُوَل … نِمنا بها تحت أفنانٍ منَ النِّعَمِ

فأيقظتنا سِهامٌ للرَّدَى صُيُبٌ … يُرمى بأفجعِ حَتْفٍ مَنْ بِهِنَّ رُمِي

[د- مفاسد الإسراف والتبذير]

الإسراف والتبذير من الإفساد في الأرض، وقد قال الله -عز وجل-: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: ٨١]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: ٧٧].


(١) سبق تخريجه قريبًا.
(٢) الأبيات لأبي عبد الله الغفيلي. انظر: «نفح الطيب» ٤/ ٥٢٩.

<<  <   >  >>