للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوقفة السابعة

العصبية للوطن؛ من بلد أو منطقة، أو مدينة، أو محافظة، أو قرية، أو هجرة، أو غير ذلك

كلٌّ يحب موطنه الذي وُلد وعاش فيه، أو عاش فيه أجداده، وهذا أمر جِبِلي طبيعي فِطري، حتى عند الحيوانات.

وقد أحب النبي -صلى الله عليه وسلم- بلده مكة، كما أحب المدينة، وقد قيل: «حب الوطن من الإيمان».

وقال الشاعر:

بلادي وإن جارتْ عليَّ عزيزةٌ

وأهلي وإن ضنُّوا عليَّ كرامُ

وكون الإنسان يحب بلده، ويدافع عنه بحق، ويعمل على جلب الخير له، وتطويره بما لا يشغله عن أمر دينه، وبما ليس فيه مباهاة ولا مفاخرة، ولا مكاثرة بالتراب والطين، ولا اعتداء على حقوق الآخرين، أو أذية لهم، فهذا كله لا بأس به.

لكن الذي لا يجوز أن يتحول الولاء للبلد ومحبته إلى عصبيةٍ تترتب عليها الموالاة والمعاداة، أو المباهاة والمفاخرة والمكاثرة بالتراب والطين، أو التعالي على الآخرين، من أهل البلدان الأخرى، من الجيران، وغيرهم، أو أذيتهم، أو الاعتداء على حقوقهم، أو احتقارهم وانتقاصهم، أو تعييرهم بالألقاب، التي يكتبها سفهاء القوم على الجدران، وطاولات المدارس، وعلى اللوحات في الطرقات العامة، والشوارع، وطمس اللوحات الإرشادية التي تضعها الجهات المختصة، ونحو ذلك.

وكل هذا مما يولد العداوة، والبغضاء، والأحقاد بين المسلمين، ولا يعود على صاحبه إلا بالخيبة والخسران، مع التفريط في حق الله تعالى، حيث تضيع كثير من أعمار مَنِ ابتُلوا بهذا التعصب، ركضًا وراء ذلك، فلا دنيا حصلوا ولا دينًا حفظوا.

<<  <   >  >>