للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اختر صديقًا كمَن رثاه صديقه بقوله:

أخ كان لي نعمَ المُعينِ على التُّقَى … به تَنجلي عني الهمومُ وتَذهَبُ

فَطَورًا بأخبارِ الرسولِ وصَحبِه … وطورًا بآدابٍ تلِذُّ وتعذُبُ

على ذا مضى عُمري كذاك وعُمرُه … صَفِيَّينِ لا نجفو ولا نتعتبُ (١)

وما إخالك واجدًا مثل هذا!

الوصية الثامنة والستون

اقنَع من الدنيا بما تيسر، وخذ نصيبَك منها مَتاعًا وبُلغةً، وكنْ حذِرًا منها أشدَّ من حَذَرِك من الفقر، قال -صلى الله عليه وسلم-: «والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تُفتح عليكم الدنيا كما فُتحت على من قبلكم، فتنافَسوها كما تنافَسوها فتُهلِككم كما أهلكتهم» (٢).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «من أصبح آمنًا في سِربه، معافًى في بدنه، عنده قُوتُ يومه، فكأنما حِيزت له الدنيا» (٣).

ونام -صلى الله عليه وسلم- على حَصير، فقام وقد أثَّر في جنبه، فقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: يا رسول الله، لو اتخذنا لك وِطاءً، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «ما لي وللدنيا، إنما أنا كراكبٍ استظلَّ تحت شجرةٍ، ثم راح وتَرَكها» (٤).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «من كانت الدنيا أكبر همه فرَّق الله شَملَه، وجعل فَقرَه بين عينيه، ولم يأتِهِ منها إلا ما قُسم له، ومن كانت الآخرة أكبر همِّه، جمع الله شمله، وأتتْه الدنيا وهي راغمة» (٥).


(١) هذه الأبيات من قصيدة مبكية للشاعر محمد بن صالح العثيمين في رثاء صديقه عبد الله العجيري -رضي الله عنه-.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) أخرجه ابن ماجه (٤١٠٥)، وأحمد ٥/ ١٨٣ (٢١٥٩٠) من حديث زيد بن ثابت -رضي الله عنه-. وأخرجه الترمذي في صفة القيامة والرقائق والورع (٢٤٦٥) من حديث أنس -رضي الله عنه-. وصححه الألباني في «الصحيحة» (٩٤٩، ٩٥٠).

<<  <   >  >>