للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوقفة الثالثة في:

التحذير من هضم حقوق ذوي المكانة في الأمة

إن أول بداية لسقوط الأمم والحضارات تبدأ بهضم حقوق ذوي المكانة فيها؛ الدينية، والعلمية، والسياسية، والاجتماعية، وإسقاط القدوات، والقيادات الصالحة الناصحة، وتشكيك العامة فيها، وفي ثوابت الأمة، وذلك بأن يوضع في قفص الاتهام ولي الأمر أمام رعيته، والوالد أمام أولاده، والمعلم أمام طلابه، والعالم أمام الجهال، والكبير أمام الصغار، وهكذا؛ فتختلط الأمور، وتختل الموازين والمعايير، وتتكلم الرُّوَيْبِضَة، ويخرج الكثيرون عن طاعة ولي الأمر، ويتمرد الولد ذكرًا كان أو أنثى على والده ويعصيه، ويهين الطالب معلمه، ويقاطعه ويؤذيه، ويجترئ الجاهل على العالم، ويسخر بفتاويه، ويتعالى الصغير على الكبير، ويحتقره، ويتندر فيه.

وكل هذا وذاك نتاج، وحصاد إسقاط حقوق القدوات، والقيادات في الأمة، والذي يسعى إليه من يريدون طمس هوية الأمة الإسلامية، وطمس معالم الإسلام، وقيمه الرفيعة، والتشكيك في مبادئه الثابتة، ومثله العليا، والذي يروج له أعداء الإسلام وأشياعهم من دعاة الانحراف، والفساد، والتغريب، والتمرد على ثوابت الدين، الذين وصفهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقوله -صلى الله عليه وسلم- لحذيفة -رضي الله عنه-: «دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها». قال حذيفة -رضي الله عنه-: فقلتُ: يا رسول الله، صفهم لنا. قال: «نعم، قوم من جِلدتنا ويتكلمون بألسنتنا» (١).

وهو ما تعجُّ به كثير من وسائل الإعلام، ووسائل الاتصال على تنوعها، وتعددها، واختلافها {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف: ٨].

وهذا مما يوجب على المسلمين الحذر كل الحذر، والتصدي لهذا الأمر، والتأكيد على


(١) أخرجه البخاري في الفتن (٧٠٨٤)، ومسلم في الإمارة (١٨٤٧)، وأبو داود في الفتن والملاحم (٤٢٤٤)، وابن ماجه في الفتن (٣٩٧٩).

<<  <   >  >>