للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكم هو الفرق الشاسع، والبون الواسع في مقدار النعمة، وعظيم المِنة، بين من منحه الله تعالى في هذه الحياة لسانًا ناطقًا فصيحًا، وبين مَنِ ابتُلي بالبكم، وعدم النطق، لكن كما قيل: «الصحة تاج على رؤوس الأصحاء، لا يراه إلا المرضى»، ولا يعرف قدر النعمة إلا مَن فقدها!

الوقفة الثانية:

اللسان بين النفع والضرر

اللسان ذو حدين؛ فهو- كما سبق- نعمة عظيمة لمن وفقه الله تعالى لاستعماله بالقول الحسن والسديد، وفيما يُرضِي الله -عز وجل-، كما قال تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء: ٥٣]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [الأحزاب: ٧٠، ٧١]، وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: ٣٣].

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يُلقي لها بالًا، يرفعه الله بها درجات» (١).

وعن بلالٍ المُزَني -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، ما كان يظن أن تَبلُغَ ما بَلَغَتْ، يكتب الله له بها رضوانَه إلى يوم يلقاه» (٢).

قال الشاعر:


(١) أخرجه مالك في الكلام (٢/ ٩٨٥)، والبخاري في الرقاق (٦٤٧٨)، ومسلم في الزهد (٢٩٨٨)، والترمذي في الزهد (٢٣١٤)، وابن ماجه في الفتن (٣٩٧٠)، وأحمد ٢/ ٣٣٤ (٨٤١١)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٢) أخرجه مالك في الكلام (٢/ ٩٨٥)، والترمذي في الزهد (٢٣١٩)، وابن ماجه في الفتن (٣٩٦٩)، وأحمد ٣/ ٤٦٩ (١٥٨٥٢). قال الترمذي: «حسن صحيح». وصححه الألباني في «الصحيحة» (٨٨٨).

<<  <   >  >>