للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن الداءَ أكثرَ ما تراه … يَحُول من الطعامِ أو الشرابِ

إذا انقلب الصديق غدَا عدوًّا … مُبينًا، والأمورُ إلى انقلابِ

ولو أن الكثيرَ يَطِيبُ كانت … مصاحبةُ الكثيرِ منَ الصوابِ

وما اللُّجَجُ المِلاحُ بمُرْوِيَاتٍ … وتَلقَى الرِّيَّ في النُّطَفِ العِذابِ

[همسة]

إذا لم يجد الإنسان من الأصدقاء إلا من تضره صحبته وصداقته، فالوَحدةُ خير من جليس السوء، والسلامة لا يعدِلها شيء، فعلى المرء أن يجعل جليسه كتاب الله تعالى، ففيه غنية عن كل جليس، ويجالس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في النظر في سنته وسيرته وشمائله، ويجالس أهل العلم والأدب في كتبهم، قال الشاعر:

اجعَلْ جليسَكَ مَجموعًا تُطالعه … لتستفيدَ من الآدابِ والحِكَمِ

واترُكْ مَجالسَ أقوامٍ تُجالسُهم … فتكسب الإثمَ من سمع ومن كَلِمِ

وقال الآخر:

أعزُّ مكانٍ في الدُّنا سَرْجُ سابحٍ … وخيرُ جليسٍ في الزمانِ كتابُ

وقال الشافعي -رحمه الله- (١):

إذا لم أجد خِلًّا تقيًّا فوَحدتي … ألذُّ وأشهى من غَوِيٍّ أُعاشرُهْ

وأجلسُ وَحدِي للعبادةِ آمنًا … أقرُّ لعيني من جَليسٍ أُحاذرُهْ

وقال عبيد الله بن عبد الله:

وَحدةُ الإنسانِ خيرٌ … من جليسِ السَّوءِ عندَهْ

وجليسُ الصدقِ خيرٌ … من جلوسِ المرءِ وَحدَهْ (٢)


(١) انظر: «ديوانه» ص (٧).
(٢) «الصداقة والصديق» ص (٣٠٩).

<<  <   >  >>