للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الآخر:

ألا إن خير الودِّ ود تطوعتْ … له النفسُ لا وُدٌّ أتى وهو مُتعَبُ (١)

وقال الشافعي -رحمه الله- (٢):

إذا المرءُ لم يرعاك إلا تكلُّفًا … فدَعْهُ ولا تُكْثِرْ عليه التأسُّفَا

ففي الناسِ أبدالٌ وفي التركِ راحةٌ … وفي القلبِ صبرٌ للحبيبِ ولو جَفَا

فما كلُّ مَن تهواهُ يَهواك قلبُه … ولا كلُّ من صافيتَه لك قد صَفَا

إذا لم يكن صفوُ الودادِ طبيعةً … فلا خيرَ في ودٍّ يجيء تكلُّفَا

ولا خيرَ في خِلٍّ يَخُونُ خَليلَه … ويلقاه من بعدِ المودةِ بالجَفَا

ويُنكِرُ عيشًا قد تقادمَ عَهْدُه … ويُظهِر سرًّا كان بالأمسِ قد خَفَا

سلامٌ على الدنيا إذا لم يكن بها … صديقٌ صدوقٌ صادقُ الوعدِ مُنْصِفَا

٧ نظرًا لقلة الصديق الوفي، ولكون الصداقة إنما هي للحاجة، فالأولى عدم الإكثار من الأصدقاء، والاكتفاء بما خلص منهم وصفا، وبقدر الحاجة؛ لأن كثرتهم سبب لكثرة الدخيل فيهم، وعدم الموثوق، ولأن في كثرتهم ثقل ومشغلة للإنسان، وتضييع لكثير من حياته، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «إن لجسدك عليك حقًّا، وإن لعينك عليك حقًّا، وإن لزوجك عليك حقًّا، وإن لزَوْرِكَ عليك حقًّا» (٣).

قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: «الإخوان بمنزلة النار، قليلها متاع، وكثيرها بَوَار» (٤).

وقال ابن الرومي (٥):

عدوُّك من صديقِك مُستفاد … فلا تَستكثرنَّ منَ الصحابِ


(١) انظر: «الصداقة والصديق» ص ١١٦.
(٢) انظر: «ديوانه» ص ٨١.
(٣) أخرجه البخاري في الصوم (١٩٧٤، ١٩٧٥)، وفي الأدب (٦١٣٤)، ومسلم في الصيام (١١٥٩)، والنسائي في الصيام (٢٣٩١)، وأحمد ٣/ ١٩٨ (٦٨٦٧) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-.
(٤) انظر: «الصداقة والصديق» ص (٤٩).
(٥) انظر: «بهجة المجالس» ص (١٤٩).

<<  <   >  >>