للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أتطلُبُ صاحبًا لا عيبَ فيه … وأي الناسِ ليس له عيوبُ؟ (١)

وقال بشَّار بن بُرد (٢):

إذا كنت في كل الأمور معاتبًا … صديقَك لم تلقَ الذي لا تعاتبُهْ

فعِشْ واحدًا أو صِلْ أخاك فإنه … مُقارِفُ ذنبٍ تارَةً ومُجانبُهْ

إذا أنتَ لم تشرَبْ مِرارًا على القَذَى … ظَمِئتَ وأيُّ الناس تصفو مَشاربُهْ؟

ومن ذا الذي تُرضى سجاياه كلُّها … كفى المرءَ نُبلًا أن تُعدَّ مَعايبُهْ

وقال الآخر (٣):

إذا ذهب العتابُ فليس وُدٌّ … ويبقى الودُّ ما بَقِيَ العتابُ

وهذا لا يتنافى مع ما قبله، فإن العتاب اللطيف بين الأصدقاء، والصراحة بينهم أحيانًا في بعض الأمور قد تكون أولى من المجاملة التي قد تنفجر يومًا؛ فتؤدي إلى قطع الصداقة بالكلية.

٦ ينبغي عدم التكلف في طلب الأصدقاء، فمن أقبل منهم وصفا، فعلى العين والرأس، ومن أدبر منهم وجفا، فلا يحسن التكلف في لحاقه، والركض وراءه، فلا خير في ذلك، وقد قال العامة: «المغصوبة ما فيها لبن».

قال الشاعر (٤):

لا أبتغي وَصْلَ مَن يَبغي مُفارقتي … ولا ألِينُ لمَن لا يبتغي لِيني

والله لو كرِهت كفي مُصاحبتي … يومًا لَقُلتُ لها عن ساعدي بِيني

ثم التفتُّ إلى الأخرى وقلتُ لها … إن تسعديني وإلا مِثلَها كُوني

وقال الآخر:

ولا خيرَ في ودِّ امرئٍ متكارهٍ … عليك ولا في صاحبٍ لا تُوافقه (٥)


(١) انظر: «الصداقة والصديق» ص ١٤٣.
(٢) انظر: «ديوانه» ص ٣٢٦.
(٣) انظر: «العقد الفريد» (٢/ ١٦٣).
(٤) الأبيات لعروة بن أذينة. انظر: «المستجاد من فعلات الأجواد» ص ٢٧.
(٥) انظر: «ديوان المعاني» لأبي هلال العسكري (ص ١٦٠).

<<  <   >  >>