قال الله تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}[الإسراء: ٢٣].
الوقفة الأولى في:
وجوب بر الوالدين
تقدم في الكلام على الآيات السابقة: ذكر الأدلة من الكتاب والسنة على عِظم مكانة بر الوالدين في الإسلام، وفي الأديان كلها، وأنه من أوجب الواجبات، وأعظم فرائض الدين، ومن أزكى الأعمال وأفضلها، وأجلها، وهو مقدم على الجهاد في سبيل الله تعالى؛ وذلك لما للوالدين من الفضل والإفضال على الأولاد، فهما- بعد الله تعالى- السبب الظاهر في وجود الأولاد في هذه الحياة، وقد عانيا من المشقة في سبيل الولد ما لا يعلمه إلا الله -عز وجل-.
فالأم حملته في حشاها تسعة أشهر، وعانت من وحم الحمل، وآلامه، وثقله، ومن آلام الوضع، والولادة، وكُرب الطلق، مما يكاد يطير معه قلبها، وتشرف بسببه على الموت، كما عانت ما لا يخفى من التعب والسهر في رعايته، والعناية به بعد ولادته، في إرضاعه، وتربيته، وحضانته، ونظافته، وغير ذلك.
ومن أراد أن يعرف معاناة الأم، فليتأمل في قصة أم موسى -عليهما السلام- في سورة القَصَص.
كما أن الأب يظل يكدح طوال يومه؛ بحثًا عن لقمة العيش للأولاد ولأمهم، ويتفانى في تعليمهم، وتربيتهم، وتوجيههم، وحفظهم، والذب عنهم، ويبذل- في سبيلهم وما يصلحهم- الغاليَ والنفيس، حتى يكبَروا، ويعتمدوا- بعد الله تعالى- على أنفسهم.
ومن أراد أن يعرف معاناة الأب، فليتأمل في قصة يعقوب -عليه السلام- مع أولاده -عليهم السلام-، في سورة يوسف -عليه السلام-.