للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقفة في: أهل الجنة بين نزع الغِل، وإذهاب الحزن

قال الله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: ٤٧]،

وقال تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر: ٣٤]

امتن الله -عز وجل- على أهل الجنة بنزع الغل من صدورهم، فقال تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ} [الأعراف: ٤٣]، وقال تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: ٤٧].

ومعنى قوله: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} أي: قلعناه من أساسه من صدورهم وقلوبهم، فلا يمكن أن يتسلل إليها، وبهذا كانوا إخوانًا على سُرُرٍ متقابلين.

أي: إخوانًا متحابين في الله -عز وجل-، جلوسًا على سرر، يقابل بعضهم بعضًا، ويتوجه بعضهم إلى بعض بوجهه وقلبه وقالبه، ويُصغِي له ويستمع إليه بسمعه وقلبه؛ كما قال تعالى: {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ} [الواقعة: ١٥، ١٦]، وقال تعالى: {يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ} [الدخان: ٥٣].

فلا يمكن أن يدير أحدهم قفاه لأخيه؛ محبةً وأدبًا، وتقديرًا واحترامًا، وإجلالًا وإكرامًا.

كما امتن عليهم بإذهاب الحزن، فقال تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: ٣٤].

فهم في سرور وحبور دائم، كما قال تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} [الروم: ١٥]، أي: يسرون.

وقال تعالى: {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} [الإنسان: ١١]؛ أي: ومنحهم وأعطاهم في الظاهر نضارة وجمالًا في وجوههم، وفي الباطن سرورًا وحبورًا في قلوبهم.

والنضرة في وجوههم علامة السرور في قلوبهم، والسرور في قلوبهم سبب النضرة

<<  <   >  >>