النافعة المنتجة، والعمل بكل ما علمك الله منهما علمًا صحيحًا».
[ج- درجات تدبر معاني القرآن]
تدبر معاني القرآن درجات ثلاث:
الدرجة الأولى: درجة التفكر والتذكر والنظر والاعتبار:
قال تعالى: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} [البقرة: ٢١٩]، وقال تعالى: {وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [البقرة: ٢٢١]، وقال تعالى: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [البقرة: ٢٦٩، وآل عمران: ٧].
والتفكر هو الذي يحمل صاحبه على عمل الخير، ويصده عن عمل الشر؛ لأن فيه النظر إلى عواقب الأمور، ولهذا أمر الله -عز وجل- بالتفكر في آياته الشرعية والنظر والاعتبار في آياته الكونية.
وقد قيل: تفكر ساعة خير من عبادة سنة، والتفكر: عمل القلب، والعبادة عمل الجوارح.
الدرجة الثانية: درجة التأثر والخشوع:
قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: ٢٣].
وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (١٠٧) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (١٠٨) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: ١٠٧ - ١٠٩].
وفي هذا ثناء على أهل العلم كما قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨].
وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اقرأ عليَّ». قلت: أقرأ عليك وعليك أُنزل؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فإني أحب أن أسمعه من غيري». قال: فقرأت عليه سورة النساء، حتى بلغت: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: ٤١]، قال لي: «أمسِك». فإذا عيناه تذرفان (١).
(١) أخرجه البخاري في التفسير (٤٥٨٣)، وفي فضائل القرآن (٥٠٥٠)، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها (٨٠٠)، وأبو داود في العلم (٣٦٦٨)، والترمذي في التفسير (٣٠٢٥).