للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتدبرِ القرآنَ إنْ رُمتَ الهُدى … فالعلمُ تحت تدبُّرِ القرآنِ

وقال السِّعدي (١) في كلامه على الآية: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: ٨٢]: «يأمر تعالى بتدبر كتابه، وهو التأمل في معانيه، وتحديق الفكر فيه، وفي مبادئه وعواقبه، ولوازم ذلك، فإن تدبر كتاب الله مِفتاح للعلوم والمعارف، وبه يُستنتج كل خير، وتُستخرج منه جميع العلوم، وبه يزداد الإيمان في القلب، وترسخ شجرته؛ فإنه يعرِّف بالربِّ المعبود، وما له من صفات الكمال، وما ينزَّه عنه من سمات النقص، ويعرِّف الطريق المُوصِلة إليه، وصفة أهلها، وما لهم عند القدوم عليه … وكلما ازداد العبد تأملًا فيه، ازداد علمًا وعملًا وبصيرة، ولذلك أمر الله بذلك وحث عليه وأخبر أنه هو المقصود بإنزال القرآن، كما قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: ٢٩]، وقال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: ٢٤].

ومن فوائد التدبر لكتاب الله:

أنه يصل بذلك العبد الى درجة اليقين، والعلم بأنه كلام الله؛ لأنه يراه يصدق بعضه بعضًا، ويوافق بعضه بعضًا.

فترى الحكمة والقصة، والأخبار تعاد في القرآن، في عدة مواضع، كلها متوافقة متصادقة، لا ينقض بعضها بعضًا.

فبذلك يُعلم كمال القرآن، وأنه من عند من أحاط علمه بجميع الأمور، فلذلك قال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: ٨٢]، أي: فلما كان من عند الله لم يكن فيه اختلاف أصلًا».

وقال الشنقيطي (٢): «إذا علمت- أيها المسلم- أن هذا القرآن العظيم هو النور الذي أنزله الله ليستضاء به ويُستهدى بهداه في أرضه، فكيف ترضى لبصيرتك أن تعمى عن النور؟! … يجب عليك الجد والاجتهاد في تعلم كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بالوسائل


(١) في «تيسير الكريم الرحمن» ٢/ ١١٢ - ١١٣.
(٢) في «أضواء البيان» ٧/ ٤٣٧.

<<  <   >  >>