للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلن تَعْدَم مِن هذا السّماع إرشادًا لحجَّة، وتبصرةً لعبرة، وتذكرةً لمعرفة، وفكرةً في آية، ودلالةً على رشد، … وحياة لقلب، وغذاء ودواء وشفاء، وعصمة ونجاة، وكشف شبهة».

وقال أيضًا (١): «إذا أردتَ الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه وألقِ سمعك وأحضر حضور من يخاطبه ربه، من تكلم به سبحانه منه إليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله».

وقال أيضًا (٢): «فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر والتفكر، فإنه جامع لجميع منازل السائرين، وأحوال العاملين، ومقامات العارفين، وهو الذي يورث المحبة والشوق، والخوف والرجاء، والإنابة والتوكل، والرضا والتفويض، والشكر والصبر، وسائر الأحوال التي بها حياة القلب وكماله.

وكذلك يزجر عن جميع الصفات والأفعال المذمومة التي بها فساد القلب وهلاكه.

فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها، فإذا قرأه بتفكر، حتى إذا مر بآية، وهو محتاج إليها في شفاء قلبه، كررها ولو مئة مرة، ولو ليلة … فقراءة القرآن بالتفكر هي أصل صلاح القلب».

وقال أيضًا (٣): «فليس أنفع للعبد في معاشه ومعاده وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن، وإطالة التأمل فيه، وجمع الفكر على معاني آياته، فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر … وتثبت قواعد الإيمان في قلبه، وتشيِّد بنيانه، وتوطد أركانه … وتعطيه قوة في قلبه وحياة وسَعة وانشراحًا وبهجة وسرورًا، فيصير في شأن والناس في شأن آخر … فلا تزال معانيه تنهض بالعبد الى ربه … وتثبت قلبه عن الزيغ والميل عن الحق … وتناديه كلما فترت عزماته، وونى في سيره: تقدم الركب، وفاتك الدليل … وفي تأمل القرآن وتدبره أضعاف أضعاف ما ذكرنا من الحكم والفوائد».

وقال في النونية (٤):


(١) في «الفوائد» ص ١.
(٢) في «مفتاح دار السعادة» ص ٢٢١.
(٣) في «مدارج السالكين» ١/ ٤٥١ - ٤٥٣.
(٤) انظر: «النونية مع الميمية» ص ٣٦.

<<  <   >  >>