للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تدبر معانيه، بل والعمل به؛ لأن المقصود الأهم من التدبر هو تدبر المعاني والعمل، والمقصود من التلاوة: التلاوة بتدبر.

قال ابن الجوزي (١): «لما كان القرآن العزيز أشرف العلوم، كان الفهم لمعانيه أوفى الفهوم؛ لأن شرف العلم بشرف المعلوم».

وقال السِّعْدي في مقدمة «تفسيره» (٢): «وكان الذي ينبغي في ذلك أن يجعل المعنى هو المقصود، واللفظ وسيلة إليه».

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (٣): «مَن أصغى إلى كلام الله وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- بعقله، وتدبره بقلبه، وجد فيه من الفهم والحلاوة، والهدى، وشفاء القلوب، والبركة والمنفعة ما لا يجده في شيءٍ من الكلام، لا في منظومه ولا منثوره».

وقال أيضًا: «دخل في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، تعلم حروفه ومعانيه جميعًا، بل تعلم معانيه هو المقصود الأول من تعلم حروفه، وذلك الذي يزيد الإيمان، كما قال جُندَبُ بن عبد الله: «تعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانًا» (٤)؛ ولهذا كانوا يبقَون مدةً في حفظ السورة» (٥).

وقال ابن القيم (٦): «التذكر والتفكر منزلتان يثمران أنواع المعارف، وحقائق الإيمان والإحسان، والعارف لا يزال يعود بتذكره على تفكره، حتى يفتح قلبه بإذن الفتاح العليم.

واعلم أن الرجل قد يكون له قلب وقَّاد مليء باستخراج العبر، واستنباط الحكم، فهذا قلبه يوقعه على التذكر والاعتبار، فإذا سمع الآيات كانت له نورًا على نور، وهؤلاء أكمل خلق الله وأعظمهم إيمانًا وبصيرة».

وقال أيضًا (٧): «سماع القرآن بالاعتبارات الثلاثة: إدراكًا، وفهمًا وتدبُّرًا، وإجابةً …


(١) في «زاد المسير» ١/ ٣.
(٢) «مقدمة تيسير الكريم الرحمن».
(٣) في «اقتضاء الصراط المستقيم» ص (٣٨٤).
(٤) أخرجه ابن ماجه في المقدمة (٦١)، والبيهقي (٣/ ١٢٠).
(٥) انظر: «مجموع الفتاوى» ١٣/ ٣٠٤.
(٦) في «مدارج السالكين» ١/ ٤٤١ - ٤٤٣.
(٧) المصدر السابق ١/ ٤٨٤.

<<  <   >  >>