للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوقفة التاسعة في:

شكر نعمة الصحة والفراغ

نعمة الصحة ونعمة الفراغ من أعظم نعم الله تعالى على الناس، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: «نعمتان مَغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة، والفراغ» (١)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «من أصبح منكم آمنًا في سربِه، معافًى في جسدِه، عنده قُوتُ يومه، فكأنما حِيزت له الدنيا» (٢).

فالصحة والعافية نعمة من أكبر النعم على العبد، بها تطيب الحياة والعيش، وبها يستطيع الإنسان العمل لدينه ودنياه، وبدونها لا يستطيع شيئًا.

وقد قيل: «الصحة تاج على رؤوس الأصحاء، لا يراه إلا المرضى».

كما أن الفراغ، وسعة الوقت نعمة عظيمة من أعظم النعم، ولهذا امتن الله على العباد بذلك، فقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: ٦٢]، فالليل والنهار خزائنُ للأعمال الصالحة، لمن وفقه الله للذكر والشكر.

ولهذا أقسم -عز وجل- بالعصر، وبالليل والنهار، والضحى، ونحو ذلك؛ تعظيمًا لشأن الوقت والزمن، ليعرف المسلم قدره، فلا يُضيَّع بما لا ينفع، أو بما يضر، ولا يعرف قدر قيمة الوقت إلا مَن شُغل طيلة يومه وليلته بالبحث عن لقمة يسد بها جوع أهله وولده، أو يسد بها رمقه، ونحو ذلك.

فعمر الإنسان في هذه الحياة قصير، وهو ثمين ولا يقدَّر قدره، وصحته ثمينة؛ لأن عمره هو أيام صحته، لذا يجب على المسلم أن يشكر الله على نعمة الصحة والعافية، وعلى نعمة الفراغ، ويقدر كل منهما قدره، ويغتنمهما بالعمل بما فيه صلاح أمر دينه


(١) أخرجه البخاري في الرقاق (٦٤١٢)، والترمذي في الزهد (٢٣٠٤)، وابن ماجه في الزهد (٤١٧٠)، وأحمد ١/ ٣٤٤ (٣٢٠٧) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(٢) أخرجه الترمذي في الزهد (٢٣٤٦)، وابن ماجه في الزهد (٤١٤١) من حديث سلمة بن عبيد الله بن محصن الخطمي عن أبيه، وكانت له صحبة. قال الترمذي: «حسن غريب». وحسنه الألباني في «الصحيحة» (٤٣١٨) لشواهده عن أبي الدرداء وابن عمر وعلي -رضي الله عنهم-.

<<  <   >  >>