للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحق، والموت انقطاع عن الخلق» (١).

وقد قيل: «الأيام ثلاثة: أمس قد مضى بما فيه، وغدًا لعلك لا تُدرِكه، وإنما هو يومك هذا، فاجتهد فيه» (٢).

قال الشافعي -رحمه الله- (٣):

إذا مرَّ بي يومٌ ولم أستفِدْ هُدى

ولم أكتسِبْ عِلمًا فما ذاك من عُمري

قال ابنئا إلى آخرها لا تساوي غمَّ ساعة، فكيف بغم العمر؟!

محبوبُ اليومِ يَعقُبه المكروه غدًا، ومكروه اليوم يعقبه المحبوب غدًا.

أعظم الربح في الدنيا أن تشغل نفسك كل وقت بما هو أولى بها وأنفع لها في معادها.

كيف يكون عاقلًا من باع الجنة بما فيها لشهوة ساعة؟!» (٤).

ولقد كان من أعظم أسباب تأخر العرب والمسلمين في الوقت الحاضر، وتخلفهم عن ركب الحضارة التفريط في الوقت، وإضاعته، وقتله، وعدم الاهتمام به.

الوقفة الثالثة في:

أعظم أسباب التفريط في العمر: الخواء الروحي، وعدم التصور التام للهدف الذي خُلق الإنسان من أجله

إن من نعمة الله -عز وجل- على المؤمن أن رسم -عز وجل- له أعظم هدف للحياة، وهو عبادة الله


(١) انظر: «الفوائد» لابن القيم ص (٣٣)، و «موارد الظمآن لدروس الزمان» لعبد العزيز بن محمد السلمان (٤/ ٤٦٨ - ٤٦٩).
(٢) أورد ابن الجوزي في «صفوة الصفوة» (٢/ ٢٣٥) عن سفيان بن عيينة قال: «كان يقال: الأيام ثلاثة: فأمس حكيم مؤدب ترك حكمته وأبقاها عليك، واليوم صديق مودع كان عنك طويل الغيبة حتى أتاك ولم تأته، وهو عنك سريع الظعن، وغدًا لا تدري أتكون من أهله أو لا تكون».
(٣) انظر: «غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب» للسفَّاريني (٢/ ٤٤٤).
(٤) انظر: «الفوائد» لابن القيم ص (٣١).

<<  <   >  >>