للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقفة في: أهمية خطبة الجمعة،

وعظم مسؤولية الخطيب

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩)} [الجمعة: ٩]

الجمعة هي عيد الأسبوع، وخطبتها أهم موعظة تُلقى على الناس خلال كل أسبوع، فهي بمثابة النافذة التي يُشِع منها النور على الناس في كل أسبوع؛ لتوعيتهم وتعليمهم، وتوجيههم وإرشادهم إلى ما فيه صلاح أمر دينهم ودنياهم وأخراهم؛ في عباداتهم، ومعاملاتهم، وفي علاقاتهم فيما بينهم، وحقوق بعضهم على بعض، وغير ذلك، فهي الركيزة الأولى لإصلاح المجتمع بجميع أطيافه.

وهذا مما يُعظم المسؤولية على الخطيب، ويضاعفها، ويوجب عليه أن يقدرها قدرها، ويأخذها بقوة، ويعطيها كل ما يستطيعه من العناية والاهتمام؛ باختيار موضوع الخطبة، وانتقائه بامتياز، وعليه أن يكون ذا بصيرة ثاقبة بأدواء المجتمع ودوائها، حصيفًا، مجدِّدًا لا مقلدًا، ومن ثم إعداد الخطبة إعدادًا جيدًا قويًّا، وإلقاؤها إلقاءً مؤثرًا، يأخذ بمجامع قلوب المستمعين، فينتفعون منها ويستفيدون، مع الحرص على قِصَرها، والبعد عن السجع المتكلف، والإطالة المملة، مما يجعل الخطبة يضيع آخرها أولها، ولا يستطيع المستمع جمع أطرافها، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «إن طول صلاة الرجل، وقِصَر خطبته مَئِنَّة من فقهه» (١).

وقد سبق (٢) ذكر أهم الأمور التي ينبغي مراعاتها في الخطبة من حيث الإطار


(١) أخرجه مسلم في الجمعة (٨٦٩)، وأحمد ٤/ ٢٦٣ (١٨٣١٧)، والدارمي ١/ ٤٤٠ (١٥٥٦) من حديث عمار بن ياسر -رضي الله عنهما-.
(٢) في الوقفة الثالثة من الوقفات في صلاة الجماعة. انظر: فهرس الوقفات.

<<  <   >  >>