فإذا بذل الإمام جهده بالقيام بدوره ومسؤوليته، من الالتزام بالوقت، وعدم التخلف أو التأخر أو التقدم، والعناية بإقامة الصلاة، ونظافة المسجد، وحسن الخلق في التعامل مع الجماعة، فلا عليه ممن يشذ منهم، فإن رضا الناس غاية لا تُدرك، فمن الناس من لا يعجبه العجب، فتراه لعلل واهية يترك مسجد الحي الذي هو فيه وجماعته، ويركب سيارته يبحث عن مسجد آخر، في جميع الصلوات، فيشق على نفسه، ويستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؛ لفرط حساسية في نفسه، أو عجلة، أو علل واهية.
ولا شك أن هذا ليس من المروءة، ولا من حسن الخلق والأدب في حق جيرانه وإمام مسجدهم ومؤذنه وجماعته، وأهل حيِّه، بل من التقصير في حقهم؛ لأن هذا يؤلمهم ويفت في عضدهم؛ لما فيه من السلبية التي تُخِل بما ينبغي أن يكون بينهم من التعارف والتآلف، والتناصح والتآزر، والتعاون على البر والتقوى، ويد الله على الجماعة، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصيةَ.
قال الشيخ صالح السدلان -رحمه الله- (١) في كلامه عن حكمة مشروعية صلاة الجماعة: «والخلاصة أن أداء الصلاة في جماعة ينشئ الاتحاد والمحبة والإخاء بين المسلمين، ويجعل منهم كتلة متراصة، وينشئ فيهم المواساة والتراحم، وائتلاف القلوب، وكذلك يربيهم على النظام والانضباط، والمحافظة على الأوقات».
الوقفة الثالثة:
الأئمة، والمؤذنون، والعاملون في بيوت الله؛ بين التكليف والتشريف
يسر الله -عز وجل- لي سنة ١٤٢٥ هـ كتابة رسالة بهذا العنوان المذكور، وطباعتها سنة ١٤٢٦ هـ، وقد قدم لها معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد،
(١) في كتابه «صلاة الجماعة، حكمها وأحكامها» صـ ٢٤.