للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحتى يقيمَ الصلاة، وعدم التدخل في ذلك، باستعجاله بالكلام، أو بالإشارة، أو بكثرة الالتفات يَمنةً ويَسرةً وإلى الخلف، والقيام قبل إقامته الصلاة، ونحو ذلك.

وعليهم تشجيعه والتعاون معه والنصح له، والحذر من تتبع زلاته، وسبه والكلام فيه، فالكمال عزيز ونادر، وكما قيل:

ومن ذا الذي تُرضى سَجاياهُ كلُّها … كَفَى المرءَ نُبلًا أن تُعَدَّ معايبُهْ (١)

١٥ التعاون بين الإمام، والمؤذن، وجماعة المسجد، وأهل الحي على البر والتقوى.

قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشُد بعضُه بعضًا» (٢)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «مثل المؤمنين في توادِّهِم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحُمَّى» (٣).

ومن أهم ذلك وألزمه أن يحرص أهل الحي كلهم على الصلاة في مسجدهم جميعًا، ويحذروا كل الحذر من التفرق والتشتت؛ بسبب علل واهية.

ولن يتأتى هذا إلا إذا قام الإمام بدوره كما ينبغي، وكان هو أولَ من يحرص على جمع شمل الجماعة، بالتزامه بالوقت، وإعطاء الصلاة حقها، والرفق بهم، وكونه لهم كالطبيب- كما سبق-. والحذر كل الحذر أن يكون هو السببَ في تفرق جماعة المسجد وتشتتهم بتثاقله، وكثرة غيابه وتخلفه، أو عدم إعطائه الصلاةَ حقَّها من العناية والاهتمام، أو بسبب سوء خلقه، وعدم احترامه وتقديره لجماعة مسجده، وعدم مراعاته لهم، وبخاصة كبار السن، ممن يجب إجلالهم، وإكرامهم، وإنزالهم منازلهم، فإن تفرق بعض جماعات المساجد سببه غالبًا يرجع إلى الإمام.


(١) البيت يُنسب لبشار بن بُرد، ولعلي بن الجهم، وليزيد المهلبي، انظر: «جمهرة الأنساب المولدة» صـ ٣٨٩.
(٢) أخرجه البخاري في الصلاة (٤٨١)، ومسلم في البر (٢٥٨٥)، والنسائي في الزكاة (٢٥٦٠)، والترمذي في البر والصلة (١٩٢٨)، وأحمد ٤/ ٤٠٤ (١٩٦٢٤) من حديث أبي موسى الأشعري رضي لله عنه.
(٣) أخرجه البخاري في الأدب (٦٠١١)، ومسلم في البر والصلة والآداب (٢٥٨٦)، وأحمد ٤/ ٢٧٠ (١٨٣٧٣) من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-.

<<  <   >  >>