للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [الممتحنة: ١].

ولا شك أن معاداة الأقربين من الوالدين والأولاد والإخوة والأزواج وغيرهم من ذوي القرابة من أشق الأشياء وأصعبها على النفوس؛ ولهذا قال -عز وجل- بعد ذلك: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الممتحنة: ٧]، ففتح -عز وجل- للمؤمنين في هذه الآية باب الرجاء والتفاؤل بجعل المودة بينهم وبين الذين عادوا من أقاربهم بسبب كفرهم، وذلك بأن يؤمن هؤلاء الأقارب فتعود المودة بينهم، وهذا وعد منه -عز وجل-، وهو كالبلسم على القلوب والنفوس، وهكذا وقع؛ فقد آمن كثير منهم، وعادت المودة والأخوة بينهم بفضل الله -عز وجل- كما وعدهم سبحانه.

الوقفة الخامسة

نماذج من تفاؤل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

التفاؤل من أخص صفات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، حتى في أشد الظروف، وأضيق الأحوال، وأقساها.

١ فهذا نبي الله موسى -عليه الصلاة والسلام- والمؤمنون معه، لما لحق بهم فرعون وجنوده، وتراءى الجمعان، وصار البحر أمامهم، والعدو خلفهم، وقال له أصحابه بنو إسرائيل: إنا لمدرَكون، قال -عليه الصلاة والسلام- مقالة المتفائل الواثق بربه، المتوكل عليه تمام التوكل: {قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: ٦٢].

٢ ويعقوب -عليه الصلاة والسلام- بعد ما جرى ليوسف وأخيه -عليهما السلام- على يدي إخوتهما، وبعد مرور السنين والأعوام الطويلة، قال لأبنائه: {يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ

<<  <   >  >>