للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١١ بعد ذلك تناول العشاء، ومن ثم القراءة في كتب العلم والمذاكرة، دون إطالة، ثم الاسترخاء للراحة والنوم؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: «يُكره النومُ قبلها، والحديثُ بعدها» (١).

وهذا الترتيب والتنظيم من حيث العموم، والناس تختلف ظروفهم وأحوالهم وحاجاتهم، وأعمالهم، وقدارتهم، وغير ذلك، فما يناسب هذا قد لا يناسب هذا، وما يستطيعه هذا، قد لا يستطيعه غيره، وهكذا.

لكن على المسلم أن يحرص على تنظيم وقته بما يناسبه، ويحذر كل الحذر أن تنصرم أيام عمره وتضيع في اللهو والغفلات، واتباع هوى النفس والشهوات.

قال الوزير الصالح يحيى بن زهير:

والوقت أنفسُ ما عُنِيتَ بحِفظِه … وأُراه أسهلَ ما عليك يَضيعُ (٢)

الوقفة السادسة في:

أعظم أسباب ضياع الوقت وعدم القدرة على تنظيمه

من أعظم أسباب ضياع الوقت، وعدم القدرة على تنظيمه: قلب الفطرة بالسهر ليلًا، والنوم نهارًا.

فقد فطر الله -عز وجل- الخلائق؛ الإنس والجن والحيوانات، وسائر المخلوقات على الفطرة السوية، كما قال تعالى: {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: ٥٠]؛ أي: خلق كل شيء وسواه، ثم هدى كل مخلوق لما خلق له.

وقال تعالى: {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى: ٣]؛ أي: قدر -عز وجل- مقادير الخلائق، وهدى كل مخلوق لما قدر له.


(١) أخرجه البخاري في المواقيت (٥٤٧)، ومسلم في المساجد (٦٤٧)، وأبو داود في الصلاة (٣٩٨)، والنسائي في المواقيت (٤٩٥)، وابن ماجه في الصلاة (٧٠١) من حديث أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه-.
(٢) انظر: «الآداب الشرعية» (٢/ ٦٤٦)، و «ذيل طبقات الحنابلة» (٢/ ١٦٧).

<<  <   >  >>