للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن عائشة -رضي الله عنها- أن أبا بكر -رضي الله عنه- ابتنى مسجدًا بفناء داره، وكان يصلي فيه، ويقرأ القرآن، فينقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون منه، وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلًا بكَّاءً، لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن، فأفزع ذلك قريش (١).

قال ابن أبي مُليكة: «سافرت مع ابن عباس من مكة إلى المدينة، فكان يقوم نصف الليل فيقرأ القرآن حرفًا حرفًا، ثم يبكي حتى تَسمع له نَشيجًا» (٢).

الدرجة الثالثة: درجة الخضوع والانقياد والعمل.

وهي النوع الثالث من أنواع التدبر الآتي بعد.

[د- مما يعين على تدبر القرآن الكريم وفهمه والخشوع فيه والخضوع له]

١ تيسير الله تعالى لذلك، قال تعالى: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [الدخان: ٥٨]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: ١٧].

٢ الإخلاص لله تعالى، وصدق الطلب، والإقبال على ما في القرآن من الهدى، قال ابن تيمية: «ومن تدبر القرآن طالبًا الهدى منه تبين له طريق الحق» (٣).

وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: ٧]؛ أي: لكل من سأل بلسان الحال أو المقال صادقًا.

٣ إحضار القلب، وإلقاء السمع، والتأمل بما في الآيات من الوعد والوعيد، قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: ٢٧]، وقال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: ٢٠٤]، وقال تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: ١٨].


(١) أخرجه البخاري في الصلاة (٤٧٦)، وفي مناقب الأنصار (٣٩٠٥).
(٢) أخرجه أبو داود في «الزهد» (٣٢٨)، ومحمد بن نصر المروزي في «مختصر قيام الليل» ص (١٣١).
(٣) انظر: «العقيدة الواسطية» شرح هراس ص ١٠٣.

<<  <   >  >>