للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وقفة تأمل في: معاني سورة العصر]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (٣)}

أخي المسلم: قف عند كل آية من آيات هذه السورة العظيمة بل عند كل كلمة منها، بل عند كل حرف وتأمل فيها.

تأمل وتفكر، لماذا أقسم المولى -عز وجل- بالعصر؟ وماهية العصر؟ وما حقيقة الخسارة؟ وما حقيقة الربح؟

واعلم أن الله -عز وجل- أقسم بالعصر تنبيهًا وتذكيرًا وإشارة ودلالة على أهمية العصر وعظيم قيمته ووجوب حفظه، والعصر هو الزمن، وهو عمر الإنسان، الذي لا يقدر بثمن عند من عرف أن الأمر جد، ليس بالهزل، كما قال تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة: ٣٦]، وكما قيل:

قد رشحوك لأمر لو فطنت له … فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل (١)

وقال الآخر:

الأمر جد وهو غير مزاح … فاعمل لنفسك صالحًا يا صاح (٢)

وعند من عرف قدر الحياة، وأنها ميدان التنافس والتسابق والمسارعة للأعمال الصالحة التي فيها السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة، كما قال -عز وجل-: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: ١٣٣]، وقال تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ


(١) البيت للطغرائي، انظر: «شرح لامية العجم» ص ١٢٤.
(٢) البيت لنشوان الحميري، انظر: «ملوك حمير وأقيال اليمن» ص ١.

<<  <   >  >>