للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال علي -رضي الله عنه-:

صُنِ النفس واحمِلها على ما يزينها … تعشْ سالمًا والقولُ فيك جميلُ

ولا تُرِيَنَّ الناسَ إلا تَجَمُّلًا

نبا بك دهرٌ أو جفاك خليلُ (١)

اللهم أغننا بفضلك عمن سواك (٢)، ولا تحوجنا إلى أحد من خلقك طرفة عين، ولا أقل من ذلك.

الوصية الحادية والسبعون

كن متفائلًا محسنًا الظن بالله تعالى مهما عظُمت عليك الخطوب، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر ما يكون تفاؤلًا في أحلك الظروف وأشدها، ففي يوم الخندق أحاط الأحزاب بالمدينة من كل حدب وصوب، وأطبقوا عليها كفكي الأسد، وبلغت القلوب الحناجر، كما قال الله -عز وجل-: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (١٠) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب: ١٠، ١١].

واجتمع على المؤمنين في ذلك اليوم: الخوف الشديد، والتعب الشديد من حفرالخندق، والبرد الشديد، والجوع الشديد، وواحدة من هذه كافية، ومع ذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في أشد ما يكون من التفاؤل، وأخبر أصحابه أنه رأى كَنْزَ كِسرى، وكنز قَيصَر، وكنز تُبَّع في اليمن. وهكذا بلغ مُلك أمته -صلى الله عليه وسلم- (٣).


(١) البيتان لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-. انظر: «ديوانه» (ص ١٥٧).
(٢) أخرجه الترمذي في الدعوات (٣٥٦٣)، وأحمد ١/ ١٥٣ (١٣١٩) من حديث علي -رضي الله عنه-. قال الترمذي: «حسن غريب». وصححه الألباني في «الصحيحة» (٢٦٦).
(٣) انظر: تفسير آيتي الأحزاب في «عون الرحمن، في تفسير القرآن».

<<  <   >  >>