قال الله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤)} [الذاريات ٢٤].
الوقفة الأولى في:
فضيلة الكرم
الكرم: سَعة الفضل والإنعام، وكثرة الخير والجود والعطاء، وعلو الصفات وكمالها، قال بعضهم:«الكرم اسم واقع على كل نوع من أنواع الفضل، ولفظ جامع لمعاني السماحة والبذل»(١). وهو من أجلِّ الصفات وأفضلها وأعظمها.
وقد وصف الله -عز وجل- به نفسه في كتابه الكريم، فقال تعالى:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}[الرحمن: ٢٧]، وقال تعالى:{تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}[الرحمن: ٧٨].
كما سمى -عز وجل- نفسه بـ «الكريم»، فقال تعالى:{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}[المؤمنون: ١١٦]، وقال تعالى:{يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}[الانفطار: ٦].
فهو -عز وجل- «الكريم» الكرم المطلَق من جميع الوجوه، كريم الذات والصفات، عظيم الفضل، كثير العطاء، جزيل الهِبات، أكرم الأكرمين، وأجود الأجودين، ذو الصفات العليا، والمثل الأعلى في السموات والأرض.
وقد وصف -عز وجل- بذلك القرآن، فقال تعالى:{إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ}[الواقعة: ٧٧]، أي: كثير الخير، فيه الدعوة إلى كل خير، والنهي عن كل شر، وبيان كل شيء، والهدى والرحمة والبشرى، كما قال تعالى:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}[النحل: ٨٩]، وقال تعالى:{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}[الأنعام: ٣٨].
(١) انظر: «عين الأدب والسياسة» لأبي الحسن بن هذيل (ص ١٠٥).