للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: ١١٠]، وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: ١٤٣].

وهذه النصوص كلها توجب حمد الله تعالى وشكره على نعمة الإسلام والإيمان، والاعتصام بحبل الله تعالى، وسؤاله -عز وجل- الثبات، والاستعاذة به سبحانه من مضِلات الفتن، ما ظهر منها وما بطن.

[ب- قضاء الله تعالى التام، وحكمته البالغة بوقوع الفتن]

قضى الله -عز وجل- قضاءً قدريًّا تامًّا مبرَمًا بالابتلاء بالفتن، دل على ذلك القرآن الكريم، والسنة والنبوية المطهرة.

قال الله -عز وجل-: {الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت: ١]، وقال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [التوبة: ١٦]، وقال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: ٢١٤]، وقال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: ١٤٢].

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ستكون فِتَنٌ القاعدُ فيها خير من القائم، والقائمُ فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ومن يَستشرِف لها تَستشرِفه، ومن وجد ملجأً أو مَعاذًا فلْيَعُذْ به» (١).

وعن عبد الله بن عمرٍو -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنه لم يكن نبيٌّ قبلي إلا كان عليه حقًّا أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم بشر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخِرَها بلاءٌ وأمورٌ تنكرونها، وتجيء فتنة فيرقِّق بعضها بعضًا، وتجيء


(١) أخرجه البخاري في المناقب (٣٦٠١)، ومسلم في الفتن وأشراط الساعة (٢٨٨٦)، وأحمد ٢/ ٢٨٢ (٧٧٩٦).

<<  <   >  >>