مما يؤسف له أن نظر كثير من العاملين في الأمة من المعلمين والموظفين وغيرهم إلى العمل من جانب مادي فقط، حتى في الوظائف الدينية؛ كالقضاء، والأذان والإمامة، ونحو ذلك، مع غياب الهدف الأسمى وهو الاحتساب الذي هو أعظم دافع معنوي للقوة والنشاط في العمل، وللفخر والاعتزاز.
وفي هذا- إضافة إلى تسببه في ضعف نتاجهم- خسارة عظيمة لا تشبهها خسارة، يظل الشخص يعمل طيلة عمره- أربعين سنة أو ثلاثين أو أقل أو أكثر- مدرسًا، أو قاضيًا، أو موظفًا، أو غير ذلك، ولم يحتسب عند الله شيئًا من ذلك، إلا أنه يعمل ليحصل على الرزق من ذلك؛ ليعف نفسه وأهله وولده، وهذا شيء طيب يؤجر عليه بإذن الله تعالى، لكنه خسر الكثير والكثير لما لم يستحضر مع ذلك ابتغاء وجه الله والدار الآخرة، والنصح للأمة، ورفع شأنها؛ لأن العمل في الأمة جهاد يؤجر عليه المرء إذا استحضر النية.