تُعد نعمة خلق الإنسان أولى نعم الله تعالى على الإنسان، وأعظمها بعد نعمة الإسلام؛ لأنه لو لم يخلق لكان عدمًا لا ذكر له، ولم يعد شيئًا، كما قال تعالى:{أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا}[مريم: ٦٧]، وقال تعالى:{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا}[الإنسان: ١].
وقال تعالى لزكريا -عليه السلام-: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا}[مريم: ٩].
ولو لم يخلق الله -عز وجل- الإنسان ويبتليه، ويجعله سميعًا بصيرًا، لم يكن أهلًا لهداية السبيل، والاختيار بين الشكر والكفر، كما قال تعالى:{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}[الإنسان: ٣].
ولو لم يخلق الله تعالى الإنسان، لما عرف الحياة، وتمتع فيها، وأخذ نصيبه منها.
ولو لم يخلق الله تعالى الإنسان، لما عرف الله تعالى، ولما عرف دينه، بما جعل الله تعالى له من السمع، والبصر، والفؤاد، وبما أنزل من الآيات البينات.
ولهذا امتن الله -عز وجل- في مواضع كثيرة من القرآن الكريم على الإنسان بخلقه، وتسويته، وتعديله، وتحسين صورته، وذكر أصل خلقه، وأطواره؛ فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: ٦ - ٨]، وقال تعالى:{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}[التين: ٤]، وقال تعالى:{وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ}[التغابن: ٣].